سورة الناس: سورة مكيّة وهي ثاني المعوذتين وفيها الإستجارة والاحتماء برب
العالمين (قل أعوذ برب الناس* ملك الناس* إله الناس) من شر أشد الأعداء
ابليس وأعوانه من شياطين الإنس والجن (من شر الوسواس الخنّاس) الذين يغوون
الناس بشتى أنواع الغواية ليضلوهم ويبعدوهم عن عبادة الله الواحد الديّان
(الذي يوسوس في صدور الناس* من الجنة والناس) . الإستعاذة في هذه السورة
هي من شرور الإنسان الداخلية التي تقع عليه أم على غيره وهي استعاذة من
المعايب. وفي هذه السورة استعاذة من شر واحد ألا وهو شر وسوسة الشيطان
المهلكة بالرب والملك والإله. وكلمة الناس المتكررة كل منها تدل على معنى
مختلف لتتناسب مع كلمة رب وملك وإله. فالناس الأولى أقل من الناس التي
بعدها والأخيرة فقد تدرج معنى كلمة الناس من القلة إلى الكثرة على عكس
كلمة الرب والملك والإله فقد تدرج من الكثرة إلى القلة، فالرب هو المرشد
الموجه وقد يكون هناك العديد من المرشدين في المجتمع لكن لكل دولة ملك خاص
بها والدنيا فيها ملوك كثر ولكن الإله واحد لا شريك له لكل الخلق من الإنس
والجن. فالإله إله الخلق جميعاً وناسه كثر أما الملك فناسه أقل من الإله
وكذلك الربّ ناسه أقل لأن الرب هو رب المؤمنين الطائعين فقط وليس كل الناس
مؤمنين.
وهذه السورة اختتم بها آيات المصحف الشريف وهي خير ختام
لهذا القرآن ويتناسب مع بدايته بسورة الفاتحة التي خاطب بها الله تعالى
الناس بقوله (الحمد لله رب العالمين) (إياك نعبد وإياك نستعين) ثم جاءت
هذه السورة (من الجنة والناس) لتشمل العالمين جميعاً وهم كلهم من بداية
الأمر إلى نهايته يستعينون بالله تعالى ويلجأؤون إليه. ومن الملاحظ أن
الله تعالى قدم الجنة على الناس لأن الجنّة هم الأصل في الوسوسة. هذا
والله أعلم.