قراءة واقعية عن مستوى التحصيل العلمي في وقتنا الحاضر
‘’في بيوتنا أولادنا يتمردون على المذاكرة وبناتنا يرهقن أنفسهن وتهلكهن المذاكرة، خصوصا أيام الامتحانات’’، كلمات يتكرر سماعها من أكثر الآباء والأمهات في الأيام التي تسبق الامتحانات، حيث يكون أولياء الأمور قسمين، الأول يصاب بالحسرة على سلبية أولاده في التعليم على رغم براعتهم في استخدام الحاسب الآلي في برامجه المختلفة، والثاني يشفق على بناته من هلاك أنفسهن من كثرة السهر، حال تقلق الأسرة وتجعلها عاجزة أساسها عدم شعور الأبناء بأهمية التعليم، الذي أوصلهم إلى مستوى متدن للغاية، ونواتج متميزة للطالبات اللاتي بذلن الجهود الكبيرة في سبيل إثبات كيانهن الإنساني.
مسألتان تؤرقان الآباء والأمهات: إهمال معظم أولادهم الطلبة المفرط وجد ومثابرة بناتهم الزائدة عن الحد المعقول، ويخشون من اليوم الذي يختفي فيه الطالب عن لوحة التفوق إذا ما استمر في تمرده على التعليم، وفي الوقت نفسه لا يغضبهم تفوق البنات وسيطرتهم على غالبية لوحة الشرف، وإنما لا تتطور الحياة إلا بمجهود الصنفين (الأولاد والبنات).
نقول من أجل الخروج من هذا المأزق الذي يشعر به كل أب وأم في مجتمعنا البحريني: نحن بحاجة إلى دراسة جادة للموضوع أو الحال من كل الجهات المعنية بالتعليم في مملكتنا الغالية رسمية كانت أو أهلية، جميعها مسؤول بصورة مباشرة أو غير مباشرة عن تطور هذا الجيل، ولابد أن تكون من أولويات اهتماماتها قبل فوات الأوان. لا أحد ينكر أن التعليم ركيزة أساسية ويمثل التغذية الراجحة إلى كل التخصصات العلمية والثقافية والاقتصادية، وبالتعليم الراقي نطور الكوادر الوطنية التي بها يتطور وطننا العزيز، ومن دون حل مشكلات التعليم ستحدث إخفاقات كثيرة في مواقع متعددة وتراجع خطير في كل مناحي الحياة. والمناهج الدراسية هي الركيزة الأساسية في التعليم، إذا ما أعدت بطرقها الصحيحة وبآلياتها السليمة، وهذا يحتاج إلى معلم متمكن وماهر في توصيل الكفايات المطلوبة بأساليب حديثة ومتطورة وبتوظيف أفضل الإمكانات في سبيل تطور الطالب تربويا وتعليميا.
مدارسنا تحوي أعدادا كثيرة من المعلمين يتمتعون بكفاءات متميزة ويحملون مؤهلات عالية في مجالات تخصصاتهم وهؤلاء بحاجة إلى إخراجهم فوق السطح من أجل الاستفادة من قدراتهم وكفاءاتهم. أقول من دون مبالغة: حالنا الحاضر في التعليم ربما يكون له الدور الأكبر في الخصام الحادث بين الطالب والمناهج الدراسية، وهذا ما جعل البنات تلجأن إلى الحفظ الأعمى في معظم الحالات للتغلب على المناهج المكدسة بالكفايات الفرعية التي تبعد الطالب عن الكفايات الرئيسة في كثير من الحالات، وكلاهما لا يبشران بالخير ولا يسهمان في تطوير التعليم من وجهة نظر كثيرين.
ما أريد قوله علينا هو الوقوف أمام هذه القضية المتنامية والخطيرة بجد قبل تفاقمها وتعسر حلها، وإلا كم مرة تثار مسألة إعادة النظر في أساليب الامتحانات، ما يعني تقديم الطلبة امتحانات منتصف الفصل بالنسبة الى إدارة التوجيه بوزارة التربية والتعليم؟ أليس الطالب الناجح قد اجتاز قسما من المناهج الدراسية ؟ إذا كان كذلك؟ فلماذا يعاد امتحانه مرة أخرى في نهاية الفصل في الكفايات التي نجح فيها؟ هذا الأسلوب أسهم بشكل مباشر في تدني المستوى التعليمي. سألت أحد من يؤمن بذلك الأسلوب، رد قائلا: حتى لا ينسى الطالب الكفايات التي درسها. أهذا مبرر يتناغم مع واقعنا الذي تنوعت فيه مصادر المعرفة؟ أقول له: أبهذا الأسلوب تجعله يبعد عن كل الكفايات بدل أن تقربه إليها؟
أقول لابد من تغيير آلية الامتحانات برمتها حتى نرفع من مستوى التحصيل لدى الطلبة، والأمر الآخر القرار الذي يمنع الطالب توظيف ‘’الآلة الحاسبة’’ التي تمثل أبسط التقنيات الحديثة في امتحانات الرياضيات والعلوم، على رغم أن الطالب في المرحلة الإعدادية يطلب منه تطبيق الحقائق والمفاهيم ولا يختبر في إجراء العمليات الحسابية التي امتحن فيها في المرحلة الابتدائية، وهذا قليل من كثير من هموم التعليم، نسأل المولى جلت عظمته أن يجعلنا ممن يساعد أولاده وبناته في إثبات كيانهم بالجد والمثابرة في طلب العلم.
؟ سلمان سالم