بعد غيابه عن البطولتين السابقتين يعود المنتخب الجزائري لكرة القدم إلى المشاركة في نهائيات كأس الأمم الأفريقية حاملا آمال وطموحات كرة القدم الجزائرية في استعادة بعض بريقها من خلال البطولة الأفريقية التي تستضيفها أنجولا خلال الفترة من العاشر إلى 31 كانون ثان/يناير الحالي.
وعلى الرغم من السمعة الكروية الجيدة التي حققها المنتخب الجزائري في الثمانينيات من القرن الماضي بعد المستوى الذي ظهر عليه في نهائيات كأس العالم 1982 باسبانيا وعودته للمشاركة بالنهائيات في البطولة التالية مباشرة عام 1986 تبدو الإحصائيات مخيبة لآمال كرة القدم الجزائرية حيث اقتصرت مشاركاته السابقة في كأس العالم على هاتين البطولتين كما اقتصرت إنجازاته الأفريقية على الفوز بلقب كأس الأمم الأفريقية التي استضافتها بلاده عام 1990 .
وبعد تألق الكرة الجزائرية وفرض نفسها على الساحة الأفريقية بقوة في الثمانينيات في ظل وجود جيل رائع يضم العديد من النجوم مثل رابح ماجر والأخضر بلومي ، فشلت الكرة الجزائرية بعد ذلك على مدار ما يقرب من عقدين من الزمان في ترك بصمة حقيقية على الساحة رغم عشق الجزائريين لكرة القدم وارتفاع نسبة الشبان بين سكان هذا البلد الذي يقترب تعداده من 40 مليون نسمة.
وما زالت ذكريات بطولة العالم 1982 باسبانيا تطغى على أي حديث عن كرة القدم الجزائرية بعدما فجر الفريق في هذه البطولة مفاجأة من العيار الثقيل بالفوز 2/1 على منتخب ألمانيا الغربية وهي المباراة التي منحت رابح وبلومي شهرة عالمية.
ولكن المنتخب الجزائري لم يستطع مواصلة النجاح في مجموعته بالدور الأول للبطولة حيث سقط في المباراة الثانية أمام نظيره النمساوي صفر/2 ولم يستفد من الفوز الذي حققه على منتخب تشيلي 3/2 بسبب نتيجة المباراة الأخرى في المجموعة بين منتخبي ألمانيا الغربية والنمسا والتي صعدت بالفريقين سويا للدور الثاني فيما اعتبره كثيرون من بين أشهر المؤامرات في تاريخ بطولات كأس العالم وكرة القدم بشكل عام.
وبعدها بأربع سنوات عاد المنتخب الجزائري للظهور في نهائيات كأس العالم 1986 بالمكسيك ولكن القرعة لم تخدم الفريق حيث أوقعته في مجموعة واحدة مع نظيريه البرازيلي والأسباني ليخسر المباراتين صفر/1 وصفر/3 على الترتيب بينما تعادل 1/1 في مباراته مع أيرلندا الشمالية.
وبعدها حالف الفريق الحظ للمرة الوحيدة في تاريخه عندما استضافت بلاده نهائيات كأس الأمم الأفريقية عام 1990 ليتوج الفريق بلقبها بعد الفوز على نظيره النيجيري 1/صفر في النهائي.
ولكن هذه البطولة كانت بمثابة نهاية عصر التألق للمنتخب الجزائري واعتزال جيل من لاعبيه البارزين الذي قادوا الفريق لترك بصمته على ساحة كرة القدم لسنوات طويلة تتجاوز عقدا من الزمان.
ويحظى المنتخب الجزائري بسجل رائع من المشاركات في بطولات كأس الأمم الأفريقية حيث تأهل للنهائيات 14 مرة سابقة.
وكانت بداية مشاركات الفريق في النهائيات عبر بطولة عام 1968 وخرج فيها الفريق من الدور الأول ثم فشل الفريق في بلوغ النهائيات على مدار البطولات الخمس التالية.
وعاد الفريق للمشاركة في النهائيات مع بطولة عام 1980 ونجح الفريق في التواجد باستمرار منذ ذلك الحين وعلى مدار 13 بطولة متتالية حتى عام 2004 ولكنه غاب عن آخر بطولتين قبل أن يحجز مكانه في البطولة القادمة بأنجولا.
وعلى مدار مسيرته في بطولات كأس الأمم الأفريقية ، أحرز الفريق لقب البطولة مرة واحدة عام 1990 بينما فاز بالمركز الثاني في عام 1980 ووصل للدور قبل النهائي أعوام 1982 و1984 و1988 ودور الثمانية أعوام 1996 و2000 و2004 بينما خرج من الدور الأول في باقي البطولات.
وعانت الكرة الجزائرية بشكل عام والمنتخب الجزائري بشكل خاص من تراجع المستوى على مدار العقدين الماضيين بل وظهر ذلك في فشل الفريق في بلوغ نهائيات كأس الأمم الأفريقية في البطولتين الماضيتين عامي 2006 بمصر و2008 بغانا.
ولكن الفريق عاد أخيرا للانتصارات وحقق إنجازين حقيقيين في الفترة الماضية بتأهله لنهائيات كأس الأمم الأفريقية 2010 بأنجولا وكأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا بعدما تصدر مجموعته في التصفيات المزدوجة المؤهلة للبطولتين.
وقبل بداية التصفيات كانت نسبة محدودة من الترشيحات تصب في مصلحة المنتخب الجزائري (محاربو الصحراء) في ظل المستوى المتردي للكرة الجزائرية على مدار السنوات الماضية.
ولكن الفريق نجح في عبور الدور الأول بالتصفيات من خلال الفوز على ليبيريا وجامبيا والسنغال والتعادل إيابا مع ليبيريا بينما خسر مباراتين أمام السنغال وجامبيا.
وأوقعته قرعة الدور النهائي بالتصفيات في مجموعة تضم منتخبات مصر ورواندا وزامبيا لتذهب معظم الترشيحات في البداية تجاه المنتخب المصري الفائز بلقب أفريقيا عامي 2006 و2008 وصاحب التاريخ الحافل بالإنجازات.
وعلى الرغم من البداية الهزيلة للمنتخب الجزائري في المرحلة النهائية من التصفيات بالتعادل السلبي مع مضيفه الرواندي جاءت مباراته التالية في التصفيات لتقلب الأوضاع في المجموعة الثالثة رأسا على عقب بعدما حقق فوزا ثمينا على ضيفه المصري 3/1 في مباراة غريبة.
وكانت هذه المباراة سببا في إنعاش وإحياء الكرة الجزائرية بأكملها من العدم حيث استعاد الفريق ثقة كبيرة غابت عنه لسنوات طويلة وبدأ مرحلة البحث عن بطاقة التأهل من هذه المجموعة.
وبالفعل اقترب محاربو الصحراء كثيرا من التأهل خاصة بعد سقوط المنتخب المصري في فخ التعادل على ملعبه أمام زامبيا في بداية التصفيات.
ولكن صحوة أحفاد الفراعنة أعادتهم للمنافسة مع الجزائريين على بطاقة المجموعة حتى جاءت مباراة الفريقين بالقاهرة في ختام التصفيات لتشهد قمة الإثارة بهذه المجموعة حيث حقق المنتخب المصري الفوز 2/صفر الذي كان كفيلا بدفع الصراع بين الفريقين إلى مباراة فاصلة في السودان.
وانتهت المباراة الفاصلة بفوز المنتخب الجزائري 1/صفر على عكس معظم التوقعات ووسط موجة عارمة من الشغب خارج الاستاد وعقب المباراة ليحجز المنتخب الجزائري المقعد السادس للقارة الأفريقية في نهائيات كأس العالم التي تقام للمرة الأولى بالقارة السمراء.
وربما يمثل المنتخب الجزائري من حيث المستوى العام أحد أضعف المنتخبات المتأهلة لنهائيات كأس العالم ولكنه من المرشحين للصعود إلى الأدوار النهائية في كأس الأمم الأفريقية 2010 بأنجولا.
وتتركز طموحات الفريق بقيادة مديره الفني الوطني رابح سعدان في تكرار عروضه القوية التي قدمها في عصره الذهبي خلال ثمانينيات من القرن الماضي مع محاولة عبور الدور الأول والمنافسة على الوصول للمربع الذهبي.
ويعتمد سعدان في ذلك على مجموعة من اللاعبين تجمع بين الشباب وأصحاب الخبرة كما تجمع بين لاعبي الدوري الجزائري والمحترفين في بعض الأندية بالخارج مثل رفيق صايفي /34 عاما/ نجم الخور القطري وكريم مطمور /24 عاما/ مهاجم بوروسيا مونشنجلادباخ وكريم زياني /27 عاما/ لاعب خط وسط فولفسبورج الألماني.
كما يعتمد الفريق بشكل كبير على بعض اللاعبين الذين ولدوا بفرنسا حيث ساهمت اللوائح الجديدة للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) في انضمام بعض هؤلاء اللاعبين لمنتخبات أخرى غير منتخبات البلدان التي ولدوا فيها.
ولكن المشكلة الحقيقية التي يواجهها المنتخب الجزائري في الدور الأول للبطولة هي وقوعه في نفس المجموعة مع نظيريه الأنجولي صاحب الأرض والمالي المفعم بالنجوم البارزين المحترفين في أكبر الأندية الأوروبية.
ويأمل الفريق في استغلال مباراته الأولى الأسهل نسبيا أمام منتخب مالاوي في المجموعة الأولى بالنهائيات لاكتساب الثقة والاقتراب خطوة جيدة من حسم التأهل لدور الثمانية قبل مواجهة المنتخب الأنجولي في الجولة الثالثة من مباريات المجموعة.
وإذا نجح المنتخب الجزائري في عبور الدور الأول فإنه قد يصبح الحصان الأسود للبطولة ومن ثم سيحصل على دفعة معنوية هائلة قبل خوض نهائيات كأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا.