هناك قول شائع بان الانسان بدأ يعاني من امراض حضارية وهي من نتاج الانسان نفسه وهذا القول ينطبق على الواقع بدرجة كبيرة، فتلوث الهواء مثلا هو نتيجة مباشرة للتطور الحضاري للانسان وخصوصا التطور الصناعي،
ويسبب تزايد تلوث الهواء اعراضا مرضية مختلفة، فاوجاع الرأس وضعف الرؤية واضطرابات المعدة والاعراض السرطانية لها علاقة مباشرة بنوعية الهواء الذي يستنشقه الانسان، وقد وجد على سبيل المثال انه اذا ارتفعت نسبة احادي اوكسيد الكربون في الجو الى 80 جزءاً من مليون جزء فان قدرة الدورة الدموية للانسان على نقل الاوكسجين تنخفض بنسبة 15% وهذا يعني بشكل آخر خسارة جسم الانسان لما يعادل حوالي نصف لتر من الدم. ويمكن تقدير قيمة مثل هذه الاخطار التلوثية اذا ما علمنا بانه في بعض المدن وحيث يشتد ازدحام المواصلات بان نسبة احادي اوكسيد الكربون تصل الى 400 جزء من مليون جزء.
ويمكننا من مقارنة هذا الرقم مع سابقه معرفة مدى الخطر الكامن في الهواء الملوث وآثاره الخطيرة على الصحة العامة.. ويعد الاطفال والمسنون اكثر الناس عرضة للامراض المتعلقة بتلوث الهواء وقد لوحظ ان بعض الامراض كمرض ذات الرئة (Pneumonia) وانتفاخ الرئة (Emphysema) تتزايد بشكل كبير في مناطق التلوث الهوائي.
كما دلت بعض الدراسات على ان امراض التهاب الاغشية المخاطية والقصبات الهوائية تزداد في المناطق الصناعية عما هي عليه في المناطق غير الصناعية. كما وجد ايضا ان نسبة الموت من سرطان الرئة لها علاقة قوية مع تزايد نسبة الضباب الدخاني في الجو، واوضحت احدى الدراسات على سبيل المثال ان عدد الذين يصابون بسرطان الرئة في مدينة نيويورك تصل الى 55 شخصا لكل مائة الف شخص، الا ان هذا العدد ينخفض الى 20 شخصا لكل مائة الف شخص في المناطق البعيدة عن نيويورك واقل من هذا العدد بكثير في المناطق الريفية.
فالظروف الصحية في كثير من بيئات الانسان وخاصة في المدن المزدحمة لم تعد ملائمة لسكن بني البشر.
فهناك الملايين من الناس يعيشون في مساكن دون المستويات الصحية الضرورية لحياتهم.
ويبدو ان الايام التي كان فيها الانسان يستمتع بمياه نقية وهواء عليل تسير في طريقها الى الزوال.
الحلول لمشكلة التلوث الهوائي
من السهل وضع الحلول النظرية لمشكلة التلوث ولكن من الصعب تطبيقها، فالتطور التكنولوجي يمكن ان يؤدي الى السيطرة على الغازات المحترقة وتخفيف اعباء المشكلة الا ان الحل الرئيسي يأتي من قدرة الانسان في السيطرة على وسائل الانتاج وخاصة الصناعية كذلك لابد من التحكم في اعداد السيارات وتخيفيف الازدحام في المدن ويمكن تحاشي الهواء الملوث بابعاد المناطق السكنية عن المناطق الصناعية.
لكن قدرة الانسان على تثقيف نفسه تبقى اهم حل لهذه المشكلة فالتقليل من الاستهلاك الصناعي والتخفيف من ازدحام المواصلات يؤديان الى خفض نسبة الغازات المحترقة في الجو.
كما ان المحافظة على بيئة نظيفة هي مسؤولية جماعية يتحمل الفرد جزءا منها، ان كل فرد يتأثر بما يحدث من اختلال في البيئة المحيطة به، واذا لم يتكون اقتناع لدى الافراد باهمية السلوك الفردي في المحافظة على البيئة، فان الوصول الى الحلول المرجوة يصبح امراً عسيراً، ولاشك في ان تفاقم المشكلة سيؤدي الى مزيد من الاخطار يدفع ثمنها في النهاية كل الذين يعيشون في هذه البيئة فالحل الحقيقي هو خيار مطروح امام الانسان فاما ان يبدأ بتغيير سلوكه اليوم او ان يصبح ضحية من ضحايا التلوث غدا.